هل تعلم أن 66 نهرا قد أصبحت خارج الخدمة رسميا في دولة الصين؟ وهل تبادر إلى ذهنك أن أكثر من نصف الأراضي الزراعية لم تعد صالحة لأي نوع من النشاط الزراعي؟ كل المؤشرات تنذر حسب الخبراء بقدوم مجاعة وشيكة على الصين وللأسف هناك تكتم كبير و تستر تام من طرف الحكومة الصينية على هذه الحقائق. ربما لأنها قد تكون سببا في انهيار نظام الحكم الحالي وعدم قدرته على إدارة هذا الظرف الطارئ والعصيب بنجاح.
تشير المصادر التاريخية أن المجاعة كانت سببا مباشرا في الإطاحة بخمسة من أصل سبعة عشر سلالة تمثل نظلم حكم في دولة الصين عبر التاريخ. لهذا سارعت الحكومة الصينية الحالية إلى ضخ عشرات المليارات للتمكن من احتواء الوضع و لو بشكل مؤقت ريثما تتضح آفاق الحلول.
العطش و الجوع، انقطاع في الكهرباء، و انعدام الطاقة هو مثلث الرعب الذي يتقاذف الصينيين في حلقة مفرغة يصعب الخروج منها. ترى أين سيصل هذا الشبح المرعب؟ وهل سينجح في إحكام قبضته على الصينيين؟ ستكتشف الأجوبة على كل هذه التساؤلات.
هل تعلم أن أكبر بحيرة للماء العذب في الصين قد تقلصت بفعل الجفاف المستفحل وتضاءل منسوبها لدرجة أنها قد أصبحت لا تغطي سوى 25% من حجمها الحقيقي؟ حيث تم تصوير البحيرة من علو كبير و تم نشر الصور التي أثارت الرعب والذعر في قلوب الصينيين. أصبح الشعب الصيني يعيش حالة ترقب و خوف من الجفاف الذي يهدد كل المصادر المائية في المنطقة. كما أصبحت وسائل التواصل والصحافة تتناقل بشكل غير مسبوق أخبارا متعلقة بمجاعة وشيكة وحروبا ضارية قد تنفجر شرارتها في أي لحظة.
و ربما سيكون القادم أسوأ فيما يبدو…يبلغ متوسط مساحة بحيرة بويانغ الشهيرة 3500 كم مربع غير أنها تقلصت إلى أن وصلت إلى ما مقداره 737 كم فقط وقد تسبب ذلك في انقطاع قنوات الري المؤدية إلى الأرض الزراعية إلى جانب توفير المياه للزراعة والاستخدامات الأخرى للحياة اليومية، وتعد البحيرة ثروة حقيقية بالإضافة إلى كونها مصدرا مائيا ثريا إذ تمثل محطة توقف رئيسية للطيور المهاجرة و تستقطب عددا متزايدا من الزوار سنويا.
لكنها الآن تواجه خطرا داهما و تفقد جزءا كبيرا من سحرها الطبيعي و ثروتها المائية المعتبرة. أما تضاؤل مساحتها فقد يكون سببا رئيسيا لزوال البحيرة بشكل نهائي في يوم من الأيام. كما أن الثروة الحيوانية والنباتية المتواجدة في محيط البحيرة معرضة للزوال بدورها. أما نهر اليانغ تسي ثالث أكبر نهر في العالم والذي يوفر مياه الشرب لأكثر من 400 مليون صيني فهو الممر المائي الأكثر حيوية لاقتصاد الصين كما أنه مهم جدا في النشاط الاقتصادي الصيني حيث يعتبر عاملا محوريا لسلسلة التوريد العالمية لكنه وصل هذا الصيف إلى مستويات قياسية من انخفاض منسوب المياه و جفت منه أقسام بكاملها إضافة إلى عشرات من الروافد بعد أن قل تدفق المياه على الجذع الرئيسي لنهر اليانغ تسي إلى 50 %أمام أعين الخبراء الحائرة يقف الجميع عاجزا عن إيجاد حل جذري للأزمة رغم الجهود المكثفة لإنهاء أو تخفيف هذه الأزمة.
هل هي الكارثة المحدقة بالصين؟ هل بات الخطر يقترب من إحداث كارثة بيئية قد تتحول إلى حروب عالمية في أجل قريب؟ ستحدد لنا الأيام أجوبة حاسمة لذلك ولكن قد يطول الأمر فبل الوصول إليها مما يتطلب استنفارا و توحيد الجهود لمواجهة الأمر. ليس هذا فحسب فقد أدى انحسار البحيرات المائية الكبرى و الروافد في دولة الصين العظيمة إلى ظهور منحوتات صخرية بوذية يعود عمرها التقديري إلى 600 ألف عام ولم تكن ظاهرة للعيان إلا بعد تناقص نسب المياه.
و بسبب موجة الجفاف الخانقة التي تعصف بالصين احتاج 780 ألف صيني إلى دعم حكومي مباشر يقدم المساعدات المادية و يسهم في تهدئة الوضع الذي قد ينذر بانفجار وشيك على جميع الأصعدة إذ تجتهد الحكومة في سرية تامة لاستحداث بدائل قد تأتي بحلول طارئة لهذا الوضع المخيف. إنه الإنذار الأصفر بأزمة صينية عالمية لم يسبق لها مثيل في التاريخ. بقرار غير مسبوق من الحكومة الصينية تم نقل مياه الشرب بالاستعانة بالشاحنات إلى المناطق التي جفت فيها المياه لعلها تستوعب الوضع و تحتويه بشكل سريع. المزيد من الحقائق الصادمة حول جفاف الصين في انتظارك. كل ما عليك هو متابعة الفيديو للنهاية. خلال شهر يوليو فقط تسبب الجفاف في خسائر قدرها 340 مليون جنيه استرليني مما أثر على 5,5 مليون شخص.
و لكن المشكلة الحقيقية تكمن في أن الصين تستهلك 10 مليار برميل من المياه و بسبب نقص المياه فقد تخسر هذه الدولة العملاقة ثلاثا وثلاثين بالمائة من المحاصيل الزراعية وهذا يعني أنه على الحكومة تعويض الخسائر عبر استيراد الحبوب من الخارج بشكل عاجل. الأمر الذي سيؤدي إلى أزمة غذاء عالمية، وارتفاع أسعار الحبوب عبر العالم حسب رأي الخبراء. تعاني الصين من أشد و أشرس موجات الجفاف و أطول موجة حر منذ عقود، مما أثر على المحاصيل الزراعية وإمدادات الطاقة و طرق الشحن في حين زاد الطلب على مصادر الطاقة بشكل كبير.
كما أحدثت موجة الحر فوضى في أنحاء جنوب الصين. بعد أن تسببت في اندلاع حرائق جبليةو أدى فقدان تدفق المياه إلى تعطل معظم أجزاء نظام الطاقة الكهرومائية الشامل فى الصين. أمام هذا الوضع المأساوي فرضت الحكومة الصينية إجراءات طوارئ لتوفير الكهرباء حيث أمرت بإغلاق المصانع و تقليل ساعات العمل في المتاجر وإيقاف تكييف الهواء في المكاتب كإجراء استعجالي لاحتواء الوضع المستجد. كل ذلك استجابة للضربة المزدوجة المتمثلة في ارتفاع الطلب على الكهرباء وانخفاض الإنتاج. كما تقوم مدينة شنغهاي بإطفاء أضواء الواجهة البحرية في محاولة لتخفيف الضغط على شبكة الكهرباء.
تم تعليق عمليات بعض الشركات لدى بعض المصانع مثل تويوتا وهذا للوصول إلى وضع مستقر يسمح بدراسة الأزمة ومحاولة الخروج بحلول حقيقية و فعالة. لقد أدركت الصين منذ سنوات طويلة أن الشمال يعاني من نقص حاد في نسب المياه لذلك أطلقت عام 2003 مشروعا بكلفة قدرت بستين مليار دولار وذلك لنقل المياه من الجنوب إلى الشمال كما شرعت في تطوير تقنيات حديث ولزيادة معدلات هطول الأمطار من خلال استمطار السحب التي تتم عبر ربط السحب بالنيتروجين السائل غير أن كل هذا لم يكن نافعا أمام قسوة ظاهرة الجفاف التي تعصف بالمنطقة.
لقد وضعت التحديات الجديدة الصين في عنق الزجاجة، بين مطرقة الجوع وأزمة الجفاف وسندان الحروب المتوقعة كرد فعل عنيف على هذه الأوضاع وبات الأمر يشكل تحديا كبيرا أمام الحكومة الصينية. على العملاق الصيني الآن أن يجتهد في إيجاد حلول عاجلة قد تنقذ شعبا بأكمله من خطر الهلاك جوعا أو حصول حرب شرسة تأتي على الأخضر و اليابس جراء ذلك. ترى ما الذي تخفيه لنا الأيام القادمة؟ و هل تنجح الحكومة الصينية في إيجاد حلول فعالة للأزمة؟